السبت، 7 يناير 2017

الانفلات الامني

هذه القصدية توضح نتيجة الانفلات الامني في المجتمع وعواقبه السلبية وهي من كلمات والدي الاستاذ عبدالمجيد سالم.

                   الانفلات الأمني
شرعت سيوف البغى تسلب أمننا
                       تجتز هامات الضحايا النكب
وقوى بأذرعها أدارت ظهرها
                      وغدت تناور كالرقيب الغائب
راحت تغض الطرف عن نذر بدت
                      كالصبح تنذرنا بوخم عواقب
بقصورها نخر الهشاش أداءها
                    نسيت بأن الفعل فعل الواجب
ولضعفها عم الفساد بأرضنا
                    خطف وتقتيل وجلب مصائب
وسهام فوضى العابثين بأمننا
                          ظلت تؤرقنا كلدغ عقارب
حسبوا المحال حقيقة وتصوروا
                     أن الليوث تهاب بطش ثعالب
خطر انفلات الأمن أصبح مرتعا
                       لحصاد أهوال وجني نوائب
هذا اتجاه للدمار وردة
                         هذا نذير خسارة ومصائب
يا جوقة الغربان كيف تعمقوا
                        جرح المواجع باقتتال ناشب
يا زمرة الأشرار لا تستبدلوا
                          سبل النجاة بفرقة وتسيب
أججتموها فتنة شبت لها
                             نيران ثأر في أتون ملهب
وتدور بين العائلات معارك
                     تدمي القلوب بجمرها المتثقب
ولأتفة الأسباب يستعر الردى
                          حمما تحيل صفاءنا لمنادب
ولطالما فجعت قلوب هاجها
                         بيت العزاء بإبنها المتخضب
حتى عصابات تروج مفترا
                        حازت مكاسبها بحد المخلب
ضربت رجال الأمن في أقسامهم
                          وتجرأت وبغت لنيل مآرب
أهداف تجار السموم توافقت
                في الهدم مع هدف العدو الغاضب
فإلى متى ندع التسيب قائما
                      ومواخر الفوضى بدون تعقب
وإلى متى يبقى النظام رهينة
                     وأسير أسلحة الهوى المتشعب
أين القوانين التي نسمو بها
                     أو ليس تطبيق النظام بمكسب
أمن المواطن للضياع معرض
                       إن لم نقم شرعا لمحو مثالب

خليفة ليوم واحد

خليفة ليوم واحد
الحلقة الثانية
ولد الطفل الامير في باحة النعيم في بيت الملك وموئل  الخلافة ونعم في طفولته بترف النشأة ورفاهية العيش  والحياة لكن الايام لم تمهله فقد أضمرت له ما عصفت بهذه النعمة وهذه الطمأنينة ولم يكن  ابن المعتز  قد جاوز الثمانية عندما روع بمقتل أبيه وبانتهاء حياة أبيه تنتهي المرحلة  المستقرة من طفولته وصباه وكانت هذه الفترة التي شهدت مولد الشاعر ذات أثر كبير في نفسيته وشكل شخصيته على النحو المتحرر المتردد.
لقد كانت فترة خطيرة شكلت حياته بظروفها المختلفة في مراحلها التالية.
وكان ابن المعتز يقول كلما تذكرت هذه الفترة.
وكانت يد الايام تغتل مرتي
                   فصارت يد الايام تنقضني نقضا
وينفى ابن المعتز بعد نكبته بأبيه مع جدته قبيحة الى مكة حتى أفضت الخلافة الى المعتمد الذي بعث يحملهم الى سامراء وقامت قبيحة على رعاية حفيدها.
تحنو عليه وتحضر له المعلمين في فروع الثقافة واللغة والادب والفقه والحديث.
انطلق ابن المعتز في ميدان الشهوات مندفعا وراء لذاته وذلك شأن الشباب  الماجن اللاهي في ذلك العصر وقد يكون في حياته مادفعه الى ذلك. 《اما سخط شديد على الحياة  السياسية واما شك واستهانة بكل شيء.
واما محنة نزلت به  او احساس بضرب من ضروب الاخفاق》
 لعل  لاصحابه من الشباب أثرهم في حياته اللاهية اذ كانو خليطا عجيبا من الشباب فيهم الشاعر وفيهم  المغني  وصانع الالحان وفيهم الخليع المتهتك الذي يطلق العنان لمجونه فلا تدري اهو انسان ام شيطان !!
وديوان ابن المعتز يطفح بوصف الدنان والكؤوس والسقاة والخمرة المسفوحة من مثل قوله:
شربنا بالكبير وبالصغير
                   ولم نحفل بأحداث الظهور
وقد ركضت بنا خيل  والملاهي
                   وقد طرنا بأجنحة السرور
لقد ظفرت الخمر من بين أسباب اللهو بالمكانة الثانية في نفس ابن المعتز بعد المرأة وفازت بحظ وافر من حفاوته ويرى ان فيها نفعا صحيحا فيقول《اول خصائص الشراب جودة الهضم ودفع مضرة الماء وازالة مكروه الادواء.》
لهذا فإنه يتفنن في تمجيدها ووصف مجلسها وكان من المدمنين على معاقرتها
حريصا على اقتناص اللذات يقول:
قم نصبطبح فليالي الوصل مقمرة
                   كأنها باجتماع الشمل  أسحار
والدههر في غفلة نامت حوادثه
             ونبهتنا الى اللذات اوتار
اما ترى اربعا للهو قد جمعت
               جنك وعود  وقانون ومزمار
فخذ بخط من الدنيا فلذتها
                 تفنى وتبقى روايات وأخبار
يدهم الشيب ابن المعتز في سن مبكرة ويحس بدبيب الشيخوخة في مأرب نفسه وخلجات قلبه وذلك قبل سن الثلاثين يقول:
ومشى الشيب قبل عقد الثلاثين
             فلما انتهى اليها اغذا
واكبر الظن ان الشيب عاجله في هذه السن  المبكرة نتيجة ما تعاوره من المصائب والنكبات وما كابده من هموم ولهذا فإنه لا يبالغ  حين يقول:
شيبتني ولم يشيبني السن
             هموم تترى ودهر مريد
وينزعج ابن المعتز ايما انزعاج عندما يشتعل رأسه شيبا يراه سيفا مصلتا على لذاته يقول
سل المشيب سيوفه
                       فسطا على اللذات سطوا
لكن ترى هل ارعوى ابن المعتز بشيبه هل تراجع عن الجري وراء  اللذة؟  ام ظل سادرا في غيه؟   اكبر الظن انه ظل حاشا ركابه الى صنوف اللهو ولم ينكص على عقبيه قليلا  الا بعد  ان لامه ذوو قربته من الخلفاء والامراء كان المعتضد اشد هؤلاء لوما له يقول ابن المعتز:
نهاني الامام عن سفه الكأس
                     فردت على السقاة المدام
عفتها مكرها ولذات عيش
                      قام بيني وبينهن الامام
 واخذ ابن المعتز يقضي جزءا غير يسير من وقته في الاطلاع والتفكير والتأليف ونظم الشعر واختلفت حياته في هذه المرحلة عن مرحلة الشباب  اللاهي  بشيء من الجد والعمل والنشاط الفكري واجتمعت حياته على نقيضين انحطاط  الجهال وثقافة المفكرين.
تابعوني في الحلقة القادمة وشكرا.
كتبت بقلم والدي الاستاذ عبد المجيد سالم.

خليفة ليوم واحد

خليفة ليوم واحد
قصة الشاعر عبدالله بن المعتز
العصر العباسي الثاني
سوف اعرض عليكم قصة حياته في حلقات قصيرة  وانشاء الله تكون حلقات ممتعة.
الحلقة الاولى
ولد في سامراء《 سر من رأى》مدينة المعتصم 1 في قصر البديع قصر المتوكل على الله جعفر بن المعتصم بالله بن هارون الرشيد بن محمد المهدي بن عبد الله ابي جعفر المنصور بن محمد بن علي بن عبد الله بن العباس بن عبد المطلب بن هاشم.
ويرى اكثر المؤرخون انه ولد سنة 247 هجري وعاش ما يقرب من الخمسين عاما يقول.
بلغت الاربعين وزدت عشرا
                         وصرت كأنني خلق مطرى
وجده  هو ابو الفضل جعفر بن المعتصم  الملقب بالمتوكل على الله وامه كانت من الجواري ولعلها كانت رومية الاصل مثل جدته المولودة في صقلية والتي سماها المتوكل قبيحة لحسن  جمالها.
عاش ابن المعتز في عصر يصفه هو نفسه بأنه 《الزمان المتلون الاخلاق المتداعي البنيان الموقد للشر . المطلق أعنة الظلم والحابس لروح العدل》وقد ضاعت في هذا الزمان هيبة الخلافة وفسدت شئون الدولة وكثرت الفتن ولم تكن حالة العصر الاقتصادية بأحسن من حالته السياسية
 وأدى البدخ والترف وانغماس الخلفاء في اللهو والمجون وبناء القصور الى ظهور طبقة أخرى معدمة قد تمزقت من وحل العوز والشقاء والحرمان ووصلت أخلاق الخلفاء والامراء من الفساد حدا لم يعرف من قبل فقد مكر الخلفاء بآبائهم وإخوانهم وشاعت شريعة الغدر وكثرت الفتن .
ولكن على الرغم من صورة العصر القائمة فإنه كان عصرا نابضا بالحضارة والثقافات والعلوم والاداب.
التكملة في الحلقة القادمة
قلم الاستاذ عبد المجيد سالم.
.